{فَسَجَدَ الملائكة كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} فالملائكة جمع عام محتمل للتخصيص فقطع باب التخصيص بقوله {كلهم} وذكر الكل احتمل تأويل التفرق فقطعه بقوله {أجمعون} {إِلاَّ إِبْلِيسَ} ظاهر الإستثناء يدل على أنه كان من الملائكة لأن المستثنى يكون من جنس المستثنى منه. وعن الحسن أن الاستثناء منقطع ولم يكن هو من الملائكة. قلنا: غير المأمور لا يصير بالترك ملعوناً. وفي الكشاف كان بينهم مأموراً معهم بالسجود فغلب اسم الملائكة ثم استثنى بعد التغليب كقولك (رأيتهم إلا هنداً) {أبى أَن يَكُونَ مَعَ الساجدين} امتنع أن يكون معهم و{أبى} استئناف على تقدير قول قائل يقول: هلا سجد؟ فقيل: أبى ذلك واستكبر عنه. وقيل: معناه ولكن إبليس أبى. {قَالَ يا بْلِيسُ مَالَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ الساجدين} حرف الجر مع أن محذوف تقديره مالك في أن لا تكون مع الساجدين أي أي غرض لك في إبائك السجود {قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ} اللام لتأكيد النفي أي لا يصح مني أن أسجد {لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صلصال مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ قَالَ فاخرج مِنْهَا} من السماء أو من الجنة أو من جملة الملائكة {فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} مطرود من رحمة الله ومعناه ملعون لأن اللعنة هي الطرد من الرحمة والإبعاد منها {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللعنة إلى يَوْمِ الدين} ضرب يوم الدين حداً للعنة لأنه أبعد غاية يضربها الناس في كلامهم، والمراد به إنك مذموم مدعو عليك باللعنة في السماوات والأرض إلى يوم الدين من غير أن تعذب فإذا جاء ذلك اليوم عذبت بما ينسى اللعن معه.